محمية “وادي الفراشات” أكبر محمية في أوروبا
تجذب هذه المحمية معظم الزائرين لولاية قونيا التركية، والتي تتربع وسط هضبة الأناضول، وتعد هذه المحمية الأكبر على مستوى القارة الأوروبية من حيث مساحتها.
تقدر مساحة وادي الفرشاة أو ما يطلق عليها أيضًا “حديثة الفرشاة”، 1600م2، وهي الأكبر على مستوى القارة الأوروبية كلها، حيث تلفها 730 لوحا من الزجاج.
عمل المختصون الأتراك على تقديم وتوفير كل العوامل المناخية التي تساعد في إدامة هذا النشاط في الوادي، كالأمطار الصناعية ونسب الرطوبة، والإضاءة، وذلك لتتمكن الفراشاة والحشرات الاستوائية ذات الألوان الساحرة، من التكيف والعيش.
إن تجور الزائر لهذا الوادي، الذي يقع بقضاء سلجوق، ينقله لعالم آخر، وكأنه انتقل عبر آلة الزمن من طقس مداري جاف إلى أجواء إستوائية ماطرة ورطبة، بالإضافة إلى الحشرات الرهيبة والغريبة التي تختلف عن ما هو موجود في الطبيعة المحيطة بالمنطقة.
هناك الكثير من الحشرات التي تعيش بهذا الوادي، وأبرزها “عثة أطلس” أو “فراشة رأس الثعبان” (The Atlas moth)، وهي أكبر أنواع الفرشات على الإطلاق، بفضل طول جناحها، البالغ حوالي 12 بوصة أو 30 سنتمترا، ومساحة الأجنحة التي تتجاوز 62 بوصة مربعة أو حوالي 400 سنتمتر مربع.
كتشف هذا النوع من الفراشة بقارة آسيا، والذي يعتبر موطنها الرئيسي، لاسيما في أرخبيل الملايو بماليزيا، إضافة إلى جنوب الصين وتايلاند وإندونيسيا، ومن أغرب ما موجود بهذا الكائن، هو عدم امتلاكها للفم، فهي غير قادرة على التغذي بعد الخروج من شرنقتها، وتعتمد بذلك على الدهون التي تغذت عليها في مراحلها الأولى.
تعمل هذا النوع من الفراشات على التزاوج ووضع البيوض فقط، وذلك للحفاظ على ديمومة هذه السلالة، لتموت بعد فترة من الزمن، والتي تتراوح بين اسبوعين إلى 3 أسابيع من فرد أجنحتها فاتنة الجمال.
كما أن هنالك نوع آخر يجذب أنظار الزائرين، حيث تسمى هذا النوع من الفراشة بـ “الفراشة الملكية” أو “فراشة الملك” (monarch butterfly)، ويعد هذا النوع من أنواع الفراشاة كبيرة الحجم، ذات اللون البرتقالي والأسود.
يعود الموطن الأصلي لهذا النوع من الفراشاة إلى قارة أمريكا الشمالية، وانتشرت خلال القرن الـ 18 عبر جنوب المحيط الهادي حتى وصلت أستراليا، حيث أنها من الفراشات التي تعرضت لبحوث علمية من قبل البشر، حيث تتمكن من قطع مسافات طويلة تصل لـ 4 آلاف كم.
تأتي “فراشة الملك” لتهاجم من شمال الولايات المتحدة الأمريكية وكندا خلال فصل الشتاء جنوبا، حتى تصل لوسط المكسيك، ويبلغ عدد السرب منها كل عام نحو 100 مليون فراشة.
كما أن هنالك العديد من الحشرات الأأخرى التي تحويها المحمية أو الوادي، منها: “فرس النبي”، و”اليعسوب”، و”خنفساء وحيد القرن” النادرة، و”خنفساء الغزال الذهبية” والحشرات “العصوية” الأطول في العالم، فضلا عن أنواع مختلفة من النحل.
تعمل إدارة الوادي على زراعة وتوفير الكثير من الورود والأزهار، لجانب ما يزيد عن 200 ألف نبتة من 98 نوعا؛ لتأمين الغذاء للحشرات، إضافة إلى أجهزة التغذية الاصطناعية والفواكه التالفة.
وبهذا السياق، صرح رئيس بلدية سلجوق “أوغور إبراهيم ألطاي”، إن “من المستغرب أن ترى هنا في قونيا ذات الطقس المداري، حشرات تعيش في الإكوادور، حيث أن الحديقة لا تقتصر على حشراتها فقط، بل على النباتات، فمعظمها جيء بها من الخارج”.
وأضاف خلال حديثه مع وكالة الأناضول التركية، أن “درجة حرارة الوادي تصل لـ 28 مئوية، الرطوبة تصل نسبتها لـ 80% بشكل دائم”، واصفًا الوادي بقطعة من الجنة وسط قونيا، حيث الفراشات التي لا يمكن لك أن تراها في أي منطقة في تركيا، تتطاير أمام عينيك بألوان الزاهية”.