إنطلقت في إسطنبول فعالية عالمية وتعد الأولى من نوعها، وهي ندوة البروفسور التركي (فؤاد سزغين) الدولي الأولى لتاريخ العلوم في الإسلام، و مدتها ثلاثة أيام، و شارك فيها بعض من النخبة من الأكاديميين من تركيا وحول العالم أيضا. وتوجت الندوة التي أقيمت برعاية الجمهورية التركية لمسيرة المؤرخ الاسلامي الراحل(سزغين)، والذي أقضى حياته في البحث عن العلوم الاسلامية من مصادرها، إلى أن توفي 2018م. ذكر سزغين جهوده وسعيه الكبيرة في البحث عن المصادر الإسلامية، حيث قام بتأسيس متحفا للعلوم الإسلامية في دولة ألمانيا، وأسس بعد مجيئه إلى تركيا متحفا مشابها في إسطنبول. ومن الأطراف المشاركة في تنظيم الندوة الدولية كل من، وزارة الثقافة والسياحة التركية، وجامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية، وكذلك جامعة اسطنبول، ووقف فؤاد سيزغين للأبحاث والعلوم الإسلامية. ومن أهداف الندوة هي تأسيس طريق يواصل عبره الأكاديميون في عملهم؛ لإخراج كثير من العلوم الإسلامية وكنوزها من بعض المصادر و الكتب وا القديمة، حيث تمتد الآثار العربية الإسلامية بالعلوم في المشرق والأندلس لنحو 800 سنة. و إرث المسلمون كان مهم و مشترك مع العالم، مساهم بذلك في تطور التكنولوجيا الحديثة، عن طريق الاختراعات و الاكتشافات والاختراعات والأبحاث التي قدموها، و إن هذه العلوم تعتبر ثرية وهامة للإنسانية، وساهمت بتواصل العلوم من دون انقطاع في تاريخ البشر. قال (بلال أردوغان) رئيس الهيئة الاختيارية لوقف فؤاد سزغين، في كلمته “لدينا رسالتين عالميتين نريد ان نوصلهما، الأولى تتعلق بفؤاد سزغين وحياته الأكاديمية والتعريف بها، بإظهار العلوم الإسلامية، حيث أن لديه كتبا باللغة الألمانية يجب أن تترجم، له أعمال كانت هامة في مدينة فرانكفورت نريد نقلها لإسطنبول، بهدف إظهار الدور للعلماء المسلمين في تطوير العالم، ووصوله للعالم الحديث”. وأضاف “الرسالة الثانية تتعلق بالصعوبات التي تخلق أفكار جديدة للتطور، ولهذا فإن توليد الأفكار ضروري جدا؛ لإنتاج حلول لبعض المشاكل الموجودة، و كذلك من أجل هذا نريد عقولا تفكر بوضوح أكثر، وبوجود شخص مثل سزغين يدفعنا لتشجيع بعد أن قضى حياته في العلوم، ونريد إظهار هذا من أجل تطوير العلوم والأفكار”. و ذكر من ناحيته مؤسس وقف فؤاد سزغين المدعو (أدهم سنجاق) “أن سزغين ساهم في إخراج العلوم الإسلامية التي بقت مخفية عن أنظار العالم، وكنا نطمح بوضع العلوم الإسلامية أمام العالم الإسلامي، ونجحنا للحين”. وأردف قائلا “كانت لسزغين آمال وأطماح عمل على تطبيقها، وبهذا أسس معرض للعلوم الإسلامية في إسطنبول، وهي خطوة مهمة لأننا نؤمن بما نرى، ونعيش وفق ذلك، وتم النجاح لهذا المشروع لتكون الآثار الإسلامية ممكنة أن يراها العالم بأعينهم، وجرى العمل على المكتبة المرافقة لها، وكان الهدف هو نقل تلك العلوم وهذه الالات للأجيال المقبلة”. وشدد في الندوة خلال كلمته على ان الاجتماع الحالي مهم لأنه “باجتماع الأكاديميين يأتي دورهم كعناصر متممة لعمل السيد سزغين، بدوام إظهار العلوم الإسلامية، والآن دور اكتشاف 800 سنة من العلوم، واستخراج ما لم يتم استخراجه إلى هذا الوقت وتقديمه للعالم والإنسانية”. كما أشار مدير السياحة والثقافة في إسطنبول (جوشكون يلماز) أن “العلم والعرفان هو أبرز محدد لتقدم أي مجتمع.. فخدمة العلم هو مهم لرجالات الدولة والمجتمع والتاريخ يوضوح ذلك، وما كان يميز سزغين هو عدم مقاطعته لمجتمعه وتاريخه رغم أنه عانى ما عانى من الانقلابات العسكرية التي جعلته يعيش خارج بلاده، ورغم ذلك كله لم ينس حضارته وتاريخه وعمل عليها بكل سعي”. وبين البروفيسور (محمود أكن) رئيس جامعة إسطنبول، قال في كلمته، “مثل هذه الفعالية ستكون دائمية وبشكل مستمر؛ وذلك من أجل خدمة العلم، واتمنى ان تعود هذه الفعاليات والجلسات بالخير والنفع للجميع”، مستعرضا مسيرة البروفسور الراحل. وولد فؤاد سيزغين في عام 1924م، و هو أحد أهم الضالعين في التراث العربي والإسلامي، على مستوى العالم، ويعد أحد طلاب المستشرق الألماني هلموت ريتر، حيث تعلم اللغة العربية، وحصل على الدكتوراه في سنة 1954 بأطروحته “مصادر البخاري”. وحتى أصبح في عام 1954م أستاذًا في جامعة إسطنبول، ونُشرت له رسالة الدكتوراه بعنوان “دراسات حول مصادر البخاري” في 1956، وبعدها غادر إلى ألمانيا بعد أن منعته حكومة الانقلاب العسكري في سنة 1960، مع 146 أكاديمي تركي، من الدوام في جامعات تركيا، ليواصل بعد ذلك دراساته في جامعة فرانكفورت. أتقن سيزغين المؤرخ التركي 27 لغة، من بينها السريانية والعبرية واللاتينية والعربية والألمانية، بشكل جيد جدًا، وأنشأ في 2010م، وقف أبحاث تاريخ العلوم الإسلامية يهدف لدعم أنشطة متحف العلوم والتكنولوجيا الإسلامية في إسطنبول، و وافته المنية في 2018 بإسطنبول.