تكون عند التقاء البحر الأسود ومضيق البوسفور، بالجانب الآسيوي لمدينة إسطنبول، تتحدى تغيرات الزمن. تلك هي قلعة “يوروس”؛ وهي أحد القلاع الحضارية التي تنتشر في مختلف أرجاء تركيا، لكنها تعد الأخيرة من بين القلاع، ما يجعلها وجهة سياحية مهمة للباحثين عن الحضارات التاريخية. تقع هذه القلعة في منطقة “بيكوز” بالجهة الآسيوية أقصى شمال إسطنبول، و بمساحة ممتدة تقدر ب500 متر، أما ارتفاع أبراجها تصل من ستون مترا حتى 130 مترا. وعلاوة على جمال القلعة في التصميم، فموقعها في منطقة شبية بالغابة، بمشهد يسحر الناظر إليها، حيث تحتوي على أبراج حراسة تحرس مدخل المضيق، أو حصن ينتصب مركز الغابة الكثيفة والأشجار المتشابكة. إختلف على اسمها، فهناك عدة روايات التي تتحدث عن معناه الحقيقي، لكن الرواية الأكثر شيوعا تؤكد بإن اسمها يوناني الأصل وتعني “الطبيعة”. وتُعرف “يوروس” بأنها القلعة البيزنطية الوحيدة الباقية في إسطنبول، وقد عملت فرق الكشف و التنقيب على استكشافها، حيث أن أطلالها وسورها المحيطة لازالت قائمة. ونُسبت القلعة قديماً لـ”الجنويزيين” ويعود ذلك؛ لكونهم علقوا علمهم الخاص عليها في العصور القديمة، وكانوا قد وضعوا شعار دولتهم على برجي القلعة. وعُرفت القلعة، في الماضي، بحضورها في الخطوط الدفاعية الأولى عن مدخل مضيق البوسفور، واستخدمت القلعة كثكنة عسكرية في عهد العثمانيين، كما يُروى أن السلطان بايزيد الأول (يلدريم) كان يقيم في نفس القلعة. لكن، ومع مرور الزمن، تهدمت أسوارها وعدد من أبراجها، إلا أن مدخلها الرئيسية بقيت صامدة حتى يومنا. وعلى ما ذكرنا، بسبب موقع القلعة يجعلها أحد العوامل التي جعلت منها واحدة من أماكن السياحة في تركيا المميزة وخاصة اسطنبول، حيث تطُل على معلم هام، وهو جسر “السلطان ياووز سليم” الأطول في إسطنبول. حيث افتُتح الجسر في أغسطس/ آب من سنة 2016م، ويبلغ طوله أكثر من 2 كيلومتر، وهذا مما أضاف قيمة سياحية للقلعة. أما المطاعم القريبة بالقلعة، فتتميز بتقديمها أنواع السمك، كوجبة رئيسية، للزوار والسياح القادمين إلى القلعة، حيث تعد منطقة “بيكوز” السياحية من أهم مواقع صيد الأسماك، و ما يميز ساحلها هو صفاء مياهه، ويُعرف بين السكان المحليين بأنه أجمل المناطق الساحلية على الإطلاق. وتُعد القلعة بعيدة قليلا عن وسط اسطنبول بالنسبة للأماكن السياحية، إذ يتعنا الكثير من الزوار بشكل يومي، الباصات التي تنطلق من عدة أماكن مختلفة من مركز المدينة مثل “أمينونو” و”باشكتاش”، متجهين إلى تلك القلعة. وتستغرق مدة الوصول إلى مركز منطقة “أناضولو كافاي” حوالي ساعة ونصف، ثم يصعدون مشياً على الأقدام لعدة دقائق حتى يجدون أنفسهم، في نهايتها، أمام القلعة البيزنطينية.